حضور جماهيري واسع وتفاعل ثقافي لافت في ثالث أيام معرض الكتاب الإسلامي

الاثنين 28 أبريل 2025

المحتوي

شهد معرض الكتاب الإسلامي في يومه الثالث، الذي تنظمه جمعية الإصلاح الاجتماعي، إقبالًا جماهيريًا لافتًا من مختلف فئات المجتمع، وسط حضور نوعي لأكاديميين ومثقفين وشخصيات بارزة في الساحة الفكرية والدعوية، حيث غصّت أروقة المعرض بالحضور الذين توافدوا لاقتناء الكتب والمشاركة في الفعاليات المتنوعة المصاحبة. وفي الفترة المسائية، تواصلت فعاليات مسابقة «تحدي العباقرة» الثقافية لليوم الثالث على التوالي، وسط أجواء حماسية وتنافسية جمعت بين المعرفة والمتعة، وقد أدار المسابقة محمد الشمري، المتخصص في إعداد وتنظيم المسابقات الثقافية، حيث انقسم التحدي إلى مرحلتين، شاركت فيهما 7 فرق. وتضمنت المرحلة الأولى 3 فرق، خاضت جولة من 20 سؤالاً في موضوعات متعددة شملت: القرآن الكريم، السُّنة النبوية، التاريخ الإسلامي، الجغرافيا، الطب، الثقافة الشرعية، إضافة إلى معلومات في علوم الحيوان والنبات، وانتهت الجولة بفوز فريق «الأنصار» وتأهله للمرحلة النهائية. أما الجولة الثانية، فقد شاركت فيها 4 فرق، وامتدت المنافسة لأكثر من نصف ساعة وسط تفاعل الحاضرين، لترسم أجواء فكرية وثقافية مشوّقة تعكس أهداف المعرض في تعزيز الوعي والثقافة الإسلامية بين الأجيال. وعلى خشبة مسرح جمعية الإصلاح الاجتماعي، أقيمت أمسية أدبية مميزة شهدت حضورًا فكريًا وأدبيًا راقيًا، شارك فيها كل من فضيلة الشيخ د. طلال العامر، وأ.د. سعد مصلوح، وأ.د. محمد حسن الطيان، الذين أمتعوا الحضور بجولة ماتعة في عوالم البيان والشعر العربي في خدمة الدين والحضارة. وفي كلمته، تحدث د. محمد حسن الطيان، أستاذ اللغة العربية وآدابها من جامعة دمشق، عن دور الشعر في بناء الحضارات ونصرة القيم والكرامة، مؤكدًا أن الشعر العربي لم يكن يومًا ترفًا، بل كان أداة لإحياء الكرامة ورفض الذل، وسلاحًا ثقافيًا يرفع من شأن الأمة، واستعرض الطيان مجموعة من الأبيات الخالدة، منها قصيدة أبي تمام الشهيرة: السَيفُ أَصدَقُ أَنباءً مِنَ الكُتُبِ في حَدِّهِ الحَدُّ بَينَ الجِدِّ وَاللَعِبِ مؤكدًا أن القيم التي رسّخها الشعر العربي كان لها دور محوري في بناء وعي الأمة الإسلامية، وربط علوم اللغة بالشعر في خدمة القرآن الكريم من خلال التجويد والنحو والصرف والبلاغة. كما تطرّق إلى علاقة عبدالله بن عباس بالشعر واهتمامه بالاستشهاد به لفهم غريب القرآن، مستعرضًا حواره مع نافع بن الأزرق في تفسير قوله تعالى: (وَحَنَاناً مِّن لَّدُنَّا) (مريم: 13)، وربطه ببيت شعري لطرفة بن العبد. أما أ.د. سعد مصلوح، أستاذ اللغة، فقد عبّر عن شكره لجمعية الإصلاح على تنظيم هذا المعرض الثقافي المتكامل، واصفًا إياه بالمهرجان السنوي الذي ينشر المعرفة ويتيحها لكل باحث وطالب علم، واصطحب الحضور في جولة شعرية مع أبرز القصائد التي كُتبت في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، التي تُعد جزءًا أصيلاً من التراث العربي الإسلامي. وتناول د. مصلوح قصائد أحمد شوقي في «ولد الهدى» و«نهج البردة»، مشيرًا إلى أن الأخيرة، التي اختار لها اسم «طراز البردة»، جاءت في 200 بيت على روي واحد، وحرص شوقي على أن تكون اقتداءً لا معارضة لبردة البوصيري، قائلاً: الله يشهد أني لا أعارضه من ذا يعارض صوب العارض العرم كما تطرق إلى شاعر آخر مهمّ هو أحمد محرم، الذي حاول أن يكتب «إلياذة إسلامية» تحاكي «إلياذة هوميروس»، فجاءت قصيدته الملحمية «مجد الإسلام» في 3 آلاف بيت، استعرض من خلالها السيرة النبوية والمعارك والغزوات والمواقف البطولية التي خاضها المسلمون، بأسلوب أدبي رفيع. وفي الختام، أشار إلى الدور الخفي لعدد من الشعراء المغمورين الذين كان لهم دور كبير في إثراء المدائح النبوية، مثل الشيخ محمد بن حجر، ووالده الشيخ عبدالعزيز مصلوح، الذين قدّموا أعمالًا شعرية ضخمة، منها تخميس بردة البوصيري، وهمزيته، في أكثر من 455 بيتًا من البحر الخفيف، في عمل لغوي وأدبي فريد. يُذكر أن فعاليات معرض الكتاب الإسلامي مستمرة حتى نهاية الأسبوع، متضمنة برامج ثقافية، وأمسيات أدبية، ومسابقات معرفية، بالإضافة إلى مشاركة واسعة من دور نشر ومراكز فكرية تهتم بنشر المعرفة الإسلامية والأدب العربي الرفيع.

>